طوفان الأقصى- تحول تاريخي، عذاب للظالمين، وبشارة للمظلومين.

المؤلف: د. عبد الرزاق مقري11.04.2025
طوفان الأقصى- تحول تاريخي، عذاب للظالمين، وبشارة للمظلومين.

يؤكد العلامة مالك بن نبي -رحمه الله- على لبّ الموضوع الذي منه تنطلق مسيرة التاريخ نحو بناء الحضارات، ويرى أن من أساسيات النهضة أن يعي الفرد هذه البرهة المصيرية، وأن يجعل منها نقطة تحول جوهرية في مسيرته الشخصية ومسيرة مجتمعه، بهدف تغيير واقعه وتجاوز الشعور بالدونية والانطلاق بقوة نحو صناعة المستقبل.

وإني على يقين جازم بأن "طوفان الأقصى" يمثل منعطفًا تاريخيًا بالغ الأهمية في سجل القضية الفلسطينية ومستقبل الأمة الإسلامية، بل وأتوقع أن يكون له أثر عميق في إعادة تشكيل واقع العالم بأسره.

لقد كانت الأوضاع في العالم الإسلامي، وخاصة فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية، في وضع مزرٍ للغاية، حتى لكأننا نقول "لم يعد لدينا ما نخسره"، وأي تغيير جذري سيكون بمنزلة مكسب لنا، بعد الإخفاق المتكرر لكافة مساعي الإصلاح السياسي والاجتماعي - خاصة بعد الثورات المضادة - في جعل دولنا متقدمة ومزدهرة، يسودها العدل والحق والمساواة، وتنعم بالحرية وكرامة الإنسان ورغد العيش، وتحظى بمكانة مرموقة بين الأمم. لقد وصلت القضية الفلسطينية إلى طريق مسدود، مع استمرار الحصار الخانق على غزة وتحول المقاومة فيها إلى قوة عسكرية محلية غير قادرة على استعادة شبر واحد من أرض فلسطين. وفي الوقت نفسه، أدت التوسعات الاستيطانية المتزايدة إلى تقويض أي إمكانية لتحقيق ما يسمى بحل الدولتين.

لقد نجح الاحتلال في فرض التقسيم الزماني للمسجد الأقصى، وكان يستعد للانتقال إلى التقسيم المكاني، ثم تدميره بالكامل - لا قدر الله - لو استمر التدهور. واستمر الفلسطينيون داخل الخط الأخضر في معاناتهم تحت نير نظام الفصل العنصري، وتسارعت وتيرة التطبيع والتخلي الجماعي العربي عن القضية، وكان يجري التخطيط لضم المملكة العربية السعودية إلى اتفاقيات التطبيع، في محاولة يائسة لجعل هذه الخطوة بمثابة "الضربة القاضية" للحق الفلسطيني، والانتصار التاريخي الأكبر لرئيس الوزراء الإسرائيلي آنذاك بنيامين نتنياهو.

فهل بعد كل هذه الخسائر الفادحة، بقي لدينا ما نخشى عليه، ويثنينا عن تصعيد المقاومة؟

سُنّة الله في الظالمين والمظلومين

إذا استعرضنا المكاسب الإستراتيجية التي حققتها عملية "طوفان الأقصى" حتى الآن، فسوف ندرك يقينًا أنها تمثل حالة ربانية مباركة، تجري وفق إرادة إلهية عليا تتجاوز حدود القدرات البشرية، كتلك التحولات الكونية الكبرى، حين يشتد الظلم والطغيان وتتبدل المفاهيم والقيم، ليذيق الله الظالمين العذاب وينصر المظلومين ويمتحنهم.

أما الظالمون فقد أذاقهم الله - تعالى - مرارة العذاب بـ"طوفان الأقصى"، حتى قبل انتهاء المعركة، عذابًا لم يعهدوه من قبل، ويتجلى ذلك في:

  •  انهيار الرواية الصهيونية المزيفة، وتزايد الوعي العالمي، وخاصة في الغرب، بالحق الفلسطيني وعدالة قضيته.
  •  تحول صورة الكيان الإسرائيلي في نظر الرأي العام العالمي من دولة مُنحت لشعب مظلوم تعرض للإبادة في الماضي، ويحاصره جيرانه العرب اليوم، إلى كيان ظالم ومجرم يلاحقه الاتهام بالإبادة الجماعية أمام محكمة العدل الدولية والضمير الإنساني، ومرفوض من قبل العديد من الدول، بما في ذلك بعض الحكومات الغربية.
  •  تزايد وعي أعداد هائلة من سكان الدول الغربية، وخاصة الشباب، بنفاق حكامهم والتضليل الإعلامي الذي تعرضوا له، والذي تسيطر عليه اللوبيات الصهيونية وحلفاؤها والمتعاونون معها.
  •  سقوط أسطورة التفوق الاستخباراتي الإسرائيلي في السابع من أكتوبر/تشرين الأول، وإذلال الجيش الصهيوني الذي كان يُعتقد أنه لا يقهر، من خلال عجزه الكامل عن تحقيق أي من أهدافه المعلنة في عدوانه الغاشم على غزة، باستثناء قتل المدنيين والأطفال والنساء.
  •  تعمق الانقسام في المجتمع الإسرائيلي وتجلي التناقضات الصارخة في طبقته السياسية بشكل لافت مصداقًا لقوله تعالى عن بني إسرائيل: "تحسبهم جميعًا وقلوبهم شتى"، وتدخل قادة البيت الأبيض لحلحلة هذه الخلافات، في محاولة لترجيح كفة التيار العلماني المؤسس للدولة الصهيونية، بعد تفاقم الخلاف مع نتنياهو وحلفائه في التيار الديني المتطرف.
  •  عودة الاهتمام بحل الدولتين المزعوم إلى الواجهة الدولية، بعدما كاد يختفي تمامًا من أجندة العالم، ومن العرب أنفسهم، وهو الحل الذي عجزت مسيرة المفاوضات الطويلة عن تحقيقه.
  •  إفشال خطط القادة الأميركيين لتغيير أولويات السياسة الخارجية، بعد أن ساد الاعتقاد بأن الشعوب العربية في سبات عميق، وأن القضية الفلسطينية قد تم التخلي عنها من قبل الحكام العرب أنفسهم، وأن مستقبل إسرائيل في المنطقة بات مضمونًا بفضل موجة التطبيع الواسعة قبل "الطوفان". وبناءً على ذلك، ظن الأميركيون أنه يمكنهم التفرغ لمواجهة الخطر الصيني والروسي والقوى الصاعدة الأخرى التي تسعى للتحرر من الهيمنة الأميركية، فإذا بهم يجدون أنفسهم مجبرين على العودة إلى المنطقة، تاركين لخصومهم الدوليين فرصة ترتيب الأوضاع لمستقبل تتلاشى فيه الهيمنة الأميركية.
  •  تسبب "طوفان الأقصى" في إحداث حالة وعي شعبي واسعة في الولايات المتحدة الأميركية، مارست ضغوطًا كبيرة على الحزب الديمقراطي الحاكم، وأدت إلى بروز خلافات حادة في صفوفه وفي مؤسسات الدولة، كما أدى إلى تفاقم حالة عدم الاستقرار التي كان يشهدها المجتمع الأميركي، بسبب حالة عدم اليقين في الحياة السياسية في ظل صعود ترامب من جديد، وتراجع شعبية بايدن جراء مواقفه المتخاذلة في الحرب على غزة. وسواء فاز ترامب أو بايدن، فإن الحياة السياسية ستشهد تطورات كبيرة تزيد من تراجع مكانة الولايات المتحدة الأميركية على الساحة الدولية.

صنفان من المظلومين

أما المظلومون فقد انقسموا أمام هذه الظاهرة التاريخية إلى فئتين:

الفئة الأولى: هم الذين تفاعلوا إيجابًا مع التحول التاريخي الذي أحدثه "طوفان الأقصى"، وكانوا ممن شاركوا في صنعه ودعموه وساروا على طريقه فعليًا، وفي مقدمتهم أبطال المقاومة والشعب الفلسطيني الصامد في غزة الذين بذلوا جهودًا مضنية واستعدوا جيدًا ووضعوا أنفسهم في المكان المناسب للالتقاء بسنة الله في خلقه التي لا تتبدل ولا تتغير، وقدموا الدليل القاطع على أنه يمكن قهر الجيش الإسرائيلي وإذلاله وإرباك دولة الاحتلال بأبسط الوسائل، متى توفر الإنسان المؤمن الذي لا يخشى الموت. لقد حققوا انتصارات عظيمة في اثنتي عشرة معركة على الأقل حتى الآن، وهي:

  1.  نجاحهم الباهر في العملية التاريخية يوم السابع من أكتوبر/تشرين الأول التي هزت أركان العالم، ولم يستوعب العدو حقيقتها حتى الآن، وباتت نموذجًا فريدًا في الحروب المعاصرة تدرّس في المعاهد العسكرية.
  2.  نجاحهم في المواجهة البرية، حيث أعجزوا جيش الاحتلال عن تحقيق أي هدف، وأوقعوا القتل والإصابات في صفوف جنوده وضباطه ودمروا آلياته العسكرية، على نحو لم يشهد له مثيل طيلة فترة الاحتلال.
  3.  نجاحهم في إفشال مخطط التهجير القسري، بفضل صمود وثبات أهل غزة، رغم المأساة الإنسانية التي فاقت كل حدود التحمل البشري.
  4.  نجاحهم في الحفاظ على الأسرى ومعاملتهم وفقًا للأخلاق الإسلامية والقوانين الدولية، مما أفشل مخططات التشويه التي دحضها الأسرى الإسرائيليون أنفسهم، بعد إطلاق سراحهم في الهدنة التي تم التوصل إليها.
  5.  نجاحهم في إدارة المفاوضات بحكمة وثبات وعدم التأثر بالضغوط الإجرامية الإسرائيلية والأميركية، وضغوط بعض الدول العربية.
  6.  نجاحهم في الحفاظ على وحدة صف الفصائل المقاومة المشاركة في "الطوفان"، وفي إدارة الجبهة الداخلية في غزة بكفاءة عالية.
  7.  نجاحهم في إدارة العلاقة وعدم الانجرار إلى الصراع الذي كان يسعى إليه الإسرائيليون مع الجهات الفلسطينية المتربصة والمتعاونة مع الدول العربية والغربية لتصفية المقاومة.
  8.  نجاحهم في إبطال المخططات الإسرائيلية والأميركية لما بعد الحرب، ومحاولات استبدال الحكومة في غزة بالعشائر، وبعض العملاء الذين تم تجنيدهم من قبل المخابرات الإسرائيلية ومخابرات السلطة الفلسطينية.
  9.  نجاحهم في الحفاظ على العلاقة مع الأنظمة العربية وحكامها، رغم علمهم بالنوايا السيئة للعديد منهم، ومساهمة بعضهم في محاولات تصفية المقاومة نهائيًا.
  10.  نجاحهم في الأداء الإعلامي المتميز، من خلال تدخلات "أبو عبيدة" الذي تحول إلى رمز عالمي، وعبر تدخلات مختلف المتحدثين الإعلاميين، وبواسطة الجهود الكبيرة المبذولة على مستوى الوسائط الاجتماعية للتأثير في الرأي العام العالمي وكسب التأييد للقضية الفلسطينية.
  11.  نجاحهم في إدارة التحالفات مع محور المقاومة على الصعيدين العملياتي والسياسي.
  12.  نجاحهم في العمل الدبلوماسي والاستفادة من التناقضات وصراعات المصالح والتعامل بذكاء مع المواقف والقرارات الدولية.

شبهات المرجفين

أما الشبهات التي يثيرها المرجفون والضعفاء، فهي باطلة ولا أساس لها من الصحة، ومن بينها أربع شبهات رئيسية:

  •  أما الخسائر البشرية، فهل يوجد احتلال في التاريخ لم يرتكب مجازر جماعية بحق من يقاومونه؟ ففي الجزائر مثلًا، قَتل الاستعمار الفرنسي مليون ونصف المليون جزائري في غضون سبع سنوات، بمعدل يزيد على مائتي ألف شهيد كل عام. وعندما استقلت الجزائر، ظلت تلك التضحيات نبراسًا يضيء طريق البلاد وأهلها بين الأمم على مدى عقود طويلة. وكل هؤلاء الشهداء سيكونون شفعاء لأهلهم بإذن الله، وسيعوض الله الجرحى ومن فقدوا أحباءهم وممتلكاتهم بالأجر الوفير يوم القيامة، وفي الدنيا، حين تستقل فلسطين، على نحو ما تقوم به وزارة المجاهدين في الجزائر حتى الآن لصالح المجاهدين والمصابين وأسر الثوار.
  •  أما تدمير غزة بالكامل، فإن دولًا خرجت من الحروب وقد سُوّيت بالأرض، ولم يبق فيها حجر قائم على حجر، فكان ذلك دافعًا لها لبدء مسيرة النهضة والتقدم، مثل: ألمانيا واليابان وكوريا الجنوبية. ولو أنفق العرب جزءًا يسيرًا من ثرواتهم الطائلة التي وهبها الله لهم، والتي يبذرونها ويبالغون في منحها للأجانب بسخاء، لبُنيت بها بلدان بأكملها، وليس مدينة غزة فحسب، ولتم تعويض جميع المتضررين. وإذا تقاعس الحكام، فليتركوا الشعوب المسلمة تتكفل بإخوانهم الفلسطينيين، فهي قادرة على جمع ما يلزم لإعادة إعمار غزة وتعويض كل من تضرر. كما أن بقاء أهل غزة على أرضهم هو قمة العزة والكرامة. وحياة الشرف في الخيام فوق الأنقاض أدعى لاستمرار المقاومة، وأفضل بكثير من الحياة المترفة في مدن فاخرة تُبنى كرشوة للفلسطينيين للتنازل عن قضيتهم ومقدساتهم، على نحو ما يروق للبعض ممن انخرطوا في مشاريع الاستسلام.
  •  وأما قولهم إن "طوفان الأقصى" أعطى الإسرائيليين ذريعة لاحتلال غزة من جديد، فإن المعركة لم تنتهِ بعد، فضلًا عن أن غزة كانت تعيش في وضع لا يختلف كثيرًا عن الاحتلال، باستثناء أن دولة الاحتلال تخلت عن التزاماتها تجاه السكان بموجب القانون الدولي، إذ جعلت العالم والدول العربية هم من ينفقون على احتياجات الغزيين بدلًا منها.
  •  وأما قولهم إن "طوفان الأقصى" سينهي سلطة حماس على غزة، فإن اليوم التالي للحرب لم يأتِ بعد، وحتى لو حدث ذلك، فقد يكون فيه خير بأن تتخفف حماس من أعباء المسؤولية عن توفير مقومات الحياة للسكان وتتفرغ كلية للمقاومة، وفق منطق حرب العصابات الشاملة في كل فلسطين، مع الاستفادة من دروس الحرب القائمة، من حيث بطولات المقاومة وإنجازاتها وخسائرها، ومن ساندها ووقف معها، ومن خذلها وتآمر عليها.

الصنف الثاني من المظلومين

أما الفئة الثانية من المظلومين: فهم أولئك الذين وجدوا أنفسهم على هامش التاريخ بفعل هذه الحالة التاريخية، وربما كره الله انبعاثهم، ومن ذلك:

  •  كشف "طوفان الأقصى" حقيقة تخاذل الأنظمة العربية والإسلامية وعمالة بعضها بشكل سافر لا يمكن إخفاؤه، وسيزيد هذا التقاعس والخيانة في انهيار شرعية هؤلاء الحكام الذين فشلوا فشلًا ذريعًا في توفير الكرامة لشعوبهم، سواء على مستوى الظروف المعيشية، أو على مستوى الحريات والديمقراطية، أو فيما يتعلق بهويتهم وانتمائهم ومقدساتهم.

لا شك أن الانحسار الشعبي لهذه الأنظمة - الذي ازداد حدة مع "طوفان الأقصى" - وتزعزع الجبهة الداخلية والاحتقان المتصاعد ضدهم، سيفاقم ضعفهم ويقلل من قدرتهم على الصمود أمام الأزمات المتوقعة في هذا العالم المضطرب.

  •  كما كشف "طوفان الأقصى" حالة الفراغ المجتمعي وغياب المؤسسات والمنظمات والقيادات القادرة على ممارسة الضغط على السلطات الحاكمة لصالح القضية الفلسطينية، أو لتعبئة الشعوب المحتقنة، خارج قيود الأنظمة، بما يتناسب مع التحول التاريخي الجاري في فلسطين. ولا شك أن ذلك سيحدث هزة فكرية ووجدانية كبيرة، وسيثير تساؤلات عميقة حول جدوى السياسات والمناهج المهادنة والفاشلة التي اتبعتها الحركات الإسلامية من أجل الإصلاح والتغيير حين انتقلت من الدعوة إلى السياسة، وكذلك حول عدم قدرتها - في المجمل - على المساهمة الفاعلة في جهود تحرير فلسطين ونهضة الأمة وأوطانها. وستكون هذه الحالة، بمثابة إرهاصات لظهور أفكار وتوجهات وأنماط قيادية جديدة تخدم القضية الفلسطينية وتساهم في تحقيق النهضة الإسلامية.

وفي الختام، فإن "طوفان الأقصى" قد أرّخ لمرحلة جديدة انكشف فيها الكيان الصهيوني عالميًا، وبات النفاق الأميركي واضحًا جليًا لا يمكن إخفاؤه، وساهم في تغيير موازين القوى الدولية نحو التعددية القطبية، مما سيمنح المسلمين مساحة أكبر للمناورة، وفضح عجز الأنظمة العربية، وعمّق من فقدانها للشرعية وكشف بشكل فاضح عن تواطؤ بعضها على القضية الفلسطينية.

لقد أعاد "طوفان الأقصى" الاعتبار للمقاومة والجهاد والاستشهاد والتضحيات الجسام في سبيل الله كسبيل لعزة الأمة ورفعتها، وجعل من سكان غزة بمجاهديها وشعبها الأبيّ نموذجًا عمليًا لذلك، ونبّه إلى أن وحدة الأمة بكل طوائفها ومذاهبها واتجاهاتها لا تتحقق إلا حول قضية مركزية جوهرية هي القضية الفلسطينية، وفي ظل الجهاد والتضحيات من أجلها، وكشف بشكل قاطع ما من شأنه أن ينهي الجدل حول المناهج السياسية داخل الحركات الإسلامية، بأن مهادنة الأنظمة الفاشلة والظالمة هي سبب إدامة الاحتلال الصهيوني واستمرار التخلف في الأوطان، وفتح الباب واسعًا أمام ظهور أفكار ومناهج ومنظومات قيادية أفضل لتحقيق النهضة والتقدم الحضاري.

سياسة الخصوصية

© 2025 جميع الحقوق محفوظة